يلي السماء وظهورهما مما يلي الأرض ﴿ وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً ﴾ يبصر أهل الدنيا في ضوئها كما يبصر أهل البيت في ضوء السراج ما يحتاجون إلى أبصاره، والقمر ليس كذلك، إنما هو نور لم يبلغ قوّة ضياء الشمس. ومثله قوله تعالى :﴿ هُوَ الَّذِى جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً ﴾ ( يونس : ٥ )، والضياء : أقوى من النور. استعير الإنبات للإنشاء، كما يقال : زرعك الله للخير، وكانت هذه الاستعارة أدلّ على الحدوث، لأنهم إذا كانوا نباتاً كانوا محدثين لا محالة حدوث النبات : ومنه قيل للحشوية : النابتة والنوابت، لحدوث مذهبهم في الإسلام من غير أوّلية لهم فيه. ومنه قولهم : نجم فلان لبعض المارقة. والمعنى : أنبتكم فنبتم نباتاً. أو نصب بأنبتكم لتضمنه معنى نبتم ﴿ ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا ﴾ مقبورين ثم ﴿ يُخْرِجُكُمْ ﴾ يوم القيامة، وأكده بالمصدر كأنه قال يخرجكم حقاً ولا محالة جعلها بساطاً مبسوطة تتقلبون عليها كما يتقلب الرجل على بساطه ﴿ فِجَاجاً ﴾ واسعة منفجة.
! ٧ < ﴿ قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِى وَاتَّبَعُواْ مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَاراً * وَمَكَرُواْ مَكْراً كُبَّاراً * وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً * وَقَدْ أَضَلُّواْ كَثِيراً وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلاَلاً ﴾ > ٧ !
< < نوح :( ٢١ - ٢٤ ) قال نوح رب..... > > ﴿ وَاتَّبِعُواْ ﴾ رؤسهم المقدمين أصحاب الأموال والأولاد، وارتسموا ما رسموا لهم من التمسك بعبادة الأصنام، وجعل أموالهم وأولادهم التي لم تزدهم إلا وجاهة ومنفعة في الدنيا زائدة ﴿ خَسَارًا ﴾ في الآخرة، وأجرى ذلك مجرى صفة لازمة لهم وسمة يعرفون بها، تحقيقاً له وتثبيتاً، وإبطالاً لما سواه. وقرىء :( وولده ) بضم الواو وكسرها ﴿ وَمَكَرُواْ ﴾ معطوف على لم يزده، وجمع الضمير وهو راجع إلى من ؛ لأنه في معنى الجمع والماكرون : هم الرؤساء ومكرهم : احتيالهم في الدين وكيدهم لنوح، وتحريش الناس على أذاه، وصدّهم عن الميل إليه والاستماع منه. وقولهم لهم : لانذرون آلهتكم إلى عبادة رب نوح ﴿ مَكْراً كُبَّاراً ﴾ قرىء بالتخفيف والتثقيل. والكبار كبر من الكبير والكبار أكبر من الكبار، ونحوه : طوال وطوّال ﴿ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً ﴾ كأن هذه المسميات كانت أكبر أصنامهم وأعظمها عندهم، فخصوها بعد قولهم ﴿ لاَ تَذَرُنَّ ءالِهَتَكُمْ ﴾ وقد انتقلت هذه الأصنام عن قوم نوح إلى العرب، فكان ودّ لكلب، وسواع لهمذان، ويغوث لمذحج، ويعوق لمراد، ونسر لحمير ؛ ولذلك سمت العرب بعبد ودّ وعبد يغوث، وقيل هي أسماء رجال صالحين. وقيل : من أولاد آدم ماتوا، فقال إبليس لمن بعدهم : لو صورتم صورهم فكنتم تنظرون إليهم، ففعلوا ؛ فلما مات أولئك قال لمن بعدهم : إنهم كانوا يعبدونهم ؛ فعبدوهم. وقيل : كان ودّ على صورة رجل، وسواع على صورة امرأة،

__________


الصفحة التالية
Icon