برسل. وقد خصّ الله الرسل من بين المرتضين بالاطلاع على الغيب وإبطال الكهانة والتنجيم، لأنّ أصحابهما أبعد شيء من الارتضاء وأدخله في السخط ﴿ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ ﴾ يدي من ارتضى للرسالة ﴿ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ﴾ حفظة من الملائكة يحفظونه من الشياطين يطردونهم عنه ويعصمونه من وساوسهم وتخاليطهم، حتى يبلغ ما أوحى به إليه. وعن الضحاك ما بعث نبيّ إلا ومعه ملائكة يحرسونه من الشياطين أن يتشبهوا بصورة الملك ﴿ لِيَعْلَمَ ﴾ الله ﴿ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالَاتِ رَبّهِمْ ﴾ يعني الأنبياء : وحد أولا على اللفظ في قوله :( من بين يديه ومن خلفه ) ثم جمع على المعنى، كقوله :﴿ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ ﴾ ( الجن : ٢٣ )، والمعنى : ليبلغوا رسالات ربهم كما هي، محروسة من الزيادة والنقصان ؛ وذكر العلم كذكره في قوله تعالى :﴿ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ ﴾ ( محمد : ٣١ )، وقرىء :( ليعلم ) على البناء للمفعول ﴿ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ ﴾ بما عند الرسل من الحكم والشرائع، لا يفوته منها شيء ولا ينسى منها حرفاً، فهو مهيمن عليها حافظ لها ﴿ وَأَحْصَى كُلَّ شَىْء عَدَداً ﴾ من القطر والرمل وورق الأشجار، وزبد البحار، فكيف لا يحيط بما عند الرسل من وحيه وكلامه وعدداً : حال، أي : وضبط كل شيء معدوداً محصوراً. أو مصدر في معنى إحصاء.
عن رسول الله ﷺ :
( ١٢٣٧ ) ( من قرأ سورة الجن كان له بعدد كل جن صدق محمداً ﷺ وكذب به عتق رقبة ).