يراد أن جملة قول القائل : سل سبيلاً، جعلت علما للعين، كما قيل : تأبط شراً ؛ وذرّى حباً ؛ وسميت بذلك لأنه لا يشرب منها إلا من سأل إليها سبيلاً بالعمل الصالح، وهو مع استقامته في العربية تكلف وابتداع ؛ وعزوُه إلى مثل علي رضي الله عنه أبدع وفي شعر بعض المحدثين :% ( سَلْ سَبِيلاً فِيهَا إلَى رَاحَةِ النَّفْ % سِ بِرَاحٍ كَأَنَّهَا سَلْسَبِيلُ ) %
و ﴿ عَيْناً ﴾ بدل من ﴿ زَنجَبِيلاً ﴾ وقيل : تمزج كأسهم بالزنجبيل بعينه. أو يخلق الله طعمه فيها. و ﴿ عَيْناً ﴾ على هذا القول : مبدلة من ﴿ كَأْساً ﴾ كأنه قيل : ويسقون فيها كأساً كأس عين. أو منصوبة على الاختصاص. شبهوا في حسنهم وصفاء ألوانهم وانبثاثهم في مجالسهم ومنازلهم باللؤلؤ المنثور وعن المأمون : أنه ليلة زفت إليه بوران بنت الحسن بن سهل وهو على بساط منسوج من ذهب وقد نثرت عليه نساء دار الخلافة اللؤلؤ. فنظر إليه منثوراً على ذلك البساط، فاستحسن المنظر وقال : لله درّ أبي نواس، وكأنه أبصر هذا حيث يقول :% ( كَأَنَّ صُغْرَى وَكُبْرَى مِنْ فَوَاقِعِهَا % حَصْبَاءُ دُرٍّ عَلَى أَرْضٍ مِنَ الذَّهَبِ ) %
وقيل : شهوا باللؤلؤ الرطب إذا نثر من صدفه، لأنه أحسن وأكثر ماء ﴿ رَأَيْتَ ﴾ ليس له مفعول ظاهر ولا مقدر ليشيع ويعم، كأنه قيل : وإذا أوجدت الرؤية، ثم ومعناه : أن بصر الرائي أينما وقع لم يتعلق إدراكه إلا بنعيم كثير وملك كبير و ﴿ ثَمَّ ﴾ في موضع النصب على الظرف، يعني في الجنة ومن قال : معناه :( ما ثم ) فقد أخطأ، لأن ( ثم ) صلة لما، ولا يجوز إسقاط الموصول وترك الصلة ﴿ كَبِيراً ﴾ واسعاً وهنيئاً. يروي : أن أدنى أهل الجنة منزلة ينظر في ملكه مسيرة ألف عام، يرى أقصاه كما يرى أدناه. وقيل لا زوال له. وقيل : إذا أرادوا شيأ كان. وقيل : يسلم عليهم الملائكة ويستأذنون عليهم قرىء ( عاليهم ) بالسكون، على أنه مبتدأ خبره ﴿ ثِيَابُ سُندُسٍ ﴾ أي ما يعلوهم من لباسهم ثياب سندس. وعاليهم بالنصب، على أنه حال من الضمير في ﴿ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ ﴾ أو