القيامة التي يستعجلها الكفرة استبعاداً لها، وهي رادفة لهم لاقترابها. وقيل ( الراجفة ) الأرض والجبال، من قوله :﴿ يَوْمَ تَرْجُفُ الاْرْضُ وَالْجِبَالُ ﴾ ( المزمل : ١٤ ) والرادفة : السماء والكواكب ؛ لأنها تنشق وتنتثر كواكبها على أثر ذلك. فإن قلت : ما محل تتبعها ؟ قلت : الحال، أي : ترجف تابعتها الرادفة. فإن قلت : كيف جعلت ﴿ يَوْمَ تَرْجُفُ ﴾ ظرفاً للمضمر الذي هو لتبعثن، ولا يبعثون عند النفخة الأولى ؟ قلت : المعنى لتبعثنّ في الوقت الواسع الذي يقع فيه النفختان، وهم يبعثون في بعض ذلك الوقت الواسع، وهو وقت النفخة الأخرى. ودلّ على ذلك أنّ قوله :﴿ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ﴾ جعل حالاً عن الراجفة. ويجوز أن ينتصب ﴿ يَوْمَ تَرْجُفُ ﴾ بما دلّ عليه ﴿ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ ﴾ أي يوم ترجف وجفت القلوب ﴿ وَاجِفَةٌ ﴾ شديدة الاضطراب، والوجيب والوجيف : أخوان ﴿ خَاشِعَةٌ ﴾ ذليلة. فإن قلت : كيف جاز الابتدء بالنكرة ؟ قلت :﴿ قُلُوبٍ ﴾ مرفوعة بالابتداء و ﴿ وَاجِفَةٌ ﴾ صفتها، و ﴿ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ ﴾ خبرها فهو كقوله :﴿ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مّن مُّشْرِكٍ ﴾ ( البقرة : ٢٢١ )، فإن قلت : كيف صح إضافة الأبصار إلى القلوب ؟ قلت : معناه أبصار أصحابها بدليل قوله :﴿ يَقُولُونَ ﴾ ﴿ فِى الْحَافِرَةِ ﴾ في الحالة الأولى، يعنون : الحياة بعد الموت. فإن قلت : ما حقيقة هذه الكلمة ؟ قلت : يقال : رجع فلان في حافرته، أي : في طريقه التي جاء فيها فحفرها، أي : أثر فيها بمشيه فيها : جعل أثر قدميه حفراً، كما قيل : حفرت أسنانه حفراً : إذا أثر الآكال في أسناخها. والخط المحفور في الصخر. وقيل : حافرة، كما قيل : عيشة راضية، أي : منسوبة إلى الحفر والرضا، أو كقولهم : نهارك صائم، ثم قيل لمن كان في أمر فخرج منه ثم عاد إليه : رجع إلى حافرته، أي طريقته وحالته الأولى. قال :% ( أَحَافِرَةٌ عَلَى صلَعٍ وَشَيْب % مَعَاذَ اللَّهِ مِنْ سَفَهٍ وَعَارٍ ) %
يريد : أرجوعاً إلى حافرة. وقيل : النقد عند الحافرة، يريدون عند الحالة الأولى : وهي الصفقة وقرأ أبو حيوة ( في الحفرة ) والحفرة بمعنى : المحفورة. يقال : حفرت أسنانه فحفرت حفراً، وهي حفرة ؛ وهذه القراءة دليل على أن الحافرة في أصل الكلمة بمعنى المحفورة. يقال :( نخر ) العظم فهو نخر وناخر، كقولك طمع فهو طمع وطامع ؛ وفعل

__________


الصفحة التالية
Icon