( ١٢٨٥ ) أنهم حين اختفلوا في أحكام المجوس قال : هم أهل كتاب وكانوا متمسكين بكتابهم، وكانت الخمر قد أحلت لهم، فتناولها بعض ملوكهم فسكر، فوقع على أخته فلما صحا ندم وطلب المخرج، فقالت له : المخرج أن تخطب الناس فتقول : يا أيها الناس، إنّ الله أحل نكاح الأخوات، ثم تخطبهم بعد ذلك فتقول : إن الله حرّمه ؛ فخطب فلم يقبلوا منه فقالت له : ابسط فيهم السوط ؛ فلم يقبلوا ؛ فقالت له : ابسط فيهم السيف، فلم يقبلوا ؛ فأمرته بالأخاديد وإيقاد النيران وطرح من أبى فيها ؛ فهم الذين أرادهم الله بقوله :﴿ قُتِلَ أَصْحَابُ الاْخْدُودِ ﴾ وقيل : وقع إلى نجران رجل ممن كان على دين عيسى عليه السلام، فدعاهم فأجابوه فسار إليهم ذو نواس اليهودي بجنود من حمير، فخيرهم بين النار واليهودية فأبوا، فأحرق منهم اثني عشر ألفاً في الأخاديد. وقيل : سبعين ألفاً ؛ وذكر أنّ طول الأخدود : أربعون ذراعاً وعرضه اثنا عشر ذراعاً. وعن النبي ﷺ :
( ١٢٨٩ ) أنه كان إذا ذكر أصحاب الأخدود تعوّذ من جهد البلاء ﴿ النَّارِ ﴾ بدل اشتمال ممن الأخدود ﴿ ذَاتِ الْوَقُودِ ﴾ وصف لها بأنها نار عظيمة لها ما يرتفع به لهبها من الحطب الكثير وأبدان الناس، وقرىء ( الوقود ) بالضم ﴿ إِذْ ﴾ ظرف لقتل، أي لعنوا حين أحدقوا بالنار قاعدين حولها. ومعنى ﴿ عَلَيْهَا ﴾ على ما يدنو منها من حافات الأخدود، كقوله :
وَبَاتَ عَلَى النَّارِ النَّدَى وَالْمُحَلِّقُ
وكما تقول : مرت عليه، تريد : مستعليا لمكان يدنو منه، ومعنى شهادتهم على إحراق المؤمنين : أنهم وكلوا بذلك وجعلوا شهوداً يشهد بعضهم لبعض عند الملك أنّ أحداً منهم لم يفرط فيما أمر به وفوض إليه من التعذيب. ويجوز أن يراد : أنهم شهود على ما يفعلون بالمؤمنين، يؤدّون شهادتهم يوم القيامة ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ ( النور : ٢٤ )، ﴿ وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ ﴾ وما عابوا منهم وما أنكروا إلا الإيمان كقوله :

__________


الصفحة التالية
Icon