كأنه قيل : والسماء، والقادر العظيم الذي بناها، ونفس، والحكيم الباهر الحكمة الذي سواها، وفي كلامهم : سبحان ما سخركن لنا. فإن قلت : لم نكرت النفس ؟ قلت : فيه وجهان، أحدهما : أن يريد نفساً خاصة من بين النفوس وهي نفس آدم، كأنه قال : وواحدة من النفوس. والثاني : أن يريد كل نفس وينكر للتكثير على الطريقة المذكورة في قوله :﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ ﴾ ( التكوير : ١٤ ). ومعنى إلهام الفجور والتقوى : إفهامهما وإعقالهما، وأنّ أحدهما حسن والآخر قبيح، وتمكينه من اختيار ما شاء منهما بدليل قوله :﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ﴾ فجعله فاعل التزكية، والتدسية ومتوليهما والتزكية : الإنمار والإعلاء بالتقوى. والتدسية : النقص والإخفاء بالفجوز.
__________