لك ما في طريقة الإبهام والإيضاح، كأنه قيل : ألم نشرح لك، ففهم أن ثم مشروحاً، ثم قيل : صدرك، فأوضح ما علم مبهما، وكذلك ﴿ لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ و ﴿ عَنكَ وِزْرَكَ ﴾.
! ٧ < ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ﴾ > ٧ !
< < الشرح :( ٥ ) فإن مع العسر..... > > فإن قلت : كيف تعلق قوله :﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ﴾ بما قبله ؟ قلت : كان المشركون يعيرون رسول الله ﷺ والمؤمنين بالفقر والضيقة، حتى سبق إلى وهمه أنهم رغبوا عن الإسلام لافتقار أهله واحتقارهم، فذكره ما أنعم به عليه من جلائل النعم ثم قال :﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ﴾ كأنه قال : خوّلناك ما خولناك فلا تيأس من فضل الله، فإن مع العسر الذي أنتم فيه يسرا. فإن قلت :﴿ إِنَّ مَعَ ﴾ للصحبة، فما معنى اصطحاب اليسر والعسر ؟ قلت : أراد أن الله يصيبهم بيسر بعد العسر الذي كانوا فيه بزمان قريب، فقرّب اليسر المترقب حتى جعله كالمقارن للعسر، زيادة في التسلية وتقوية القلوب. فإن قلت : ما معنى قول ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما : لن يغلب عسر يسرين وقد روي مرفوعاً :
( ١٣١٦ ) أنه خرج ﷺ ذات يوم وهو يضحك ويقول :( لن يغلب عسر يسرين ) قلت : هذا عمل على الظاهر، وبناء على قوّه الرجال، وأن موعد الله لا يحمل إلا على أوفى ما يحتمله اللفظ وأبلغه، والقول في أنه يحتمل الجملة الثانية تكريراً للأولى كما كرر قوله :﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ ﴾ ( الطور : ١١ ) لتقرير معناها في النفوس وتمكينها في القلوب، وكما يكرر المفرد في قولك : جاءني زيد زيد، وأن تكون الأولى عدّة بأنّ العسر مردوف بيسر لا محالة، والثانية عدة مستأنفة بأنّ العسر متبوع بيسر، فهما يسران على تقدير الاستئناف، وإنما كان العسر واحداً لأنه لا يخلو، إما أن يكون تعريفه للعهد، وهو العسر الذي كانوا فيه، فهو هو ؛ لأنّ حكمه حكم زيد في قولك : إن مع زيد مالاً، إن مع زيد مالاً. وإما أن يكون للجنس الذي بعلمه كل أحد فهو هو أيضاً. وأما اليسر فمنكر متناول لبعض الجنس، فإذا كان الكلام الثاني مستأنفاً غير مكرر فقد تناول بعضاً غير البعض الأوّل بغير إشكال. فإن قلت : فما المراد باليسرين ؟ قلت :