فأيسوا. ﴿ لاَ أَعْبُدُ ﴾ أريدت به العبادة فيما يستقبل، لأنّ ( لا ) لا تدخل إلاّ على مضارع في معنى الاستقبال، كما أن ( ما ) لا تدخل إلاّ على مضارع في معنى الحال، ألا ترى أن ( لن ) تأكيد فيما تنفيه ( لا ). وقال الخليل في ( لن ) : أنّ أصله ( لا أن ) والمعنى : لا أفعل في المستقبل ما تطلبونه مني من عبادة آلهتكم، ولا أنتم فاعلون فيه ما أطلب منكم من عبادة إلاهي ﴿ وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ ﴾ أي : وما كنت قطّ عابداً فيما سلف ما عبدتم فيه يعني : لم تعهد مني عبادة صنم في الجاهلية، فكيف ترجى مني في الإسلام ﴿ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴾ أي : وما عبدتم في وقت ما أنا على عبادته. فإن قلت : فهلا قيل : ما عبدت، كما قيل : ما عبدتم ؟ قلت : لأنهم كانوا يعبدون الأصنام قبل المبعث، وهو لم يكن يعبد الله تعالى في ذلك الوقت. فإن قلت : فلم جاء على ( ما ) دون ( من ) ؟ قلت : لأن المراد الصفة، كأنه قال : لا أعبد الباطل، ولا تعبدون الحق. وقيل : إن ( ما ) مصدرية، أي : لا أعبد عبادتكم، ولا تعبدون عبادتي ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ ﴾ لكم شرككم، ولي توحيدي. والمعنى : أني نبيّ مبعوث إليكم لأدعوكم إلى الحق والنجاة، فإذا لم تقبلوا مني ولم تتبعوني، فدعونى كفافاً ولا تدعوني إلى الشرك.
عن رسول الله ﷺ :
( ١٣٥٥ ) ( من قرأ سورة الكافرون فكأنما قرأ ربع القرآن وتباعدت منه مردة

__________


الصفحة التالية
Icon