فلا يسوغ انتصابه بأتاك ؛ لأنّ إتيان النبأ رسول الله ﷺ لا يقع إلا في عهده لا في عهد داود، ولا بالنبأ ؛ لأن النبأ الواقع في عهد داود لا يصحّ إتيانه رسول الله ﷺ. وإن أردت بالنبأ : القصة في نفسها لم يكن ناصباً، فبقي أن ينتصب بمحذوف، وتقديره : وهل أتاك نبأ تحاكم الخصم. ويجوز أن ينتصب بالخصم لما فيه من معنى الفعل. وأما إذ الثانية فبدل من الأولى ﴿ تَسَوَّرُواْ الْمِحْرَابَ ﴾ تصعدوا سوره ونزلوا إليه. والسور : الحائط المرتفع ونظيره في الأبنية : تسنمه، إذ علا سنامه، وتذرّاه : إذا علا ذروته. روى : أنّ الله تعالى بعث إليه ملكين في صورة إنسانين، فطلبا أن يدخلا عليه، فوجداه في يوم عبادته، فمنعهما الحرس فتسوّرا عليه المحراب، فلم يشعر إلاّ وهما بين يديه جالسان ﴿ فَفَزِعَ مِنْهُمْ ﴾ قال ابن عباس : إنّ داود عليه السلام جزأ زمانه أربعة أجزاء : يوماً للعبادة، ويوماً للقضاء، ويوماً للاشتغال بخواص أموره، ويوماً يجمع بني إسرائيل فيعظهم ويبكيهم ؛ فجاءوا في غير يوم القضاء ففزع منهم، ولأنهم نزلوا عليه من فوق، وفي يوم الاحتجاب، والحرس حوله لا يتركون من يدخل عليه ﴿ خَصْمَانِ ﴾ خبر مبتدأ محذوف، أي : نحن خصمان ﴿ وَلاَ تُشْطِطْ ﴾ ولا تجر. وقرىء :( ولا تشطط )، أي : ولا تبعد عن الحق. وقرىء :( ولا تشطط )، ولا تشاطط، وكلها من معنى الشطط : وهو مجاوزة الحدّ وتخطي الحق. و ﴿ سَوَاء الصّراطِ ﴾ وسطه ومحجته : ضربه مثلاً لعين الحق ومحضه.
! ٧ < ﴿ إِنَّ هَذَآ أَخِى لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِى نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِى فِى الْخِطَابِ ﴾ > ٧ !
< < ص :( ٢٣ ) إن هذا أخي..... > > ﴿أَخِى ﴾ بدل من هذا أو خبر لأنّ. والمراد أخوّة الدين، أو أخوّة الصداقة والألفة، أو أخوّة الشركة والخلطة ؛ لقوله تعالى :﴿ وَإِنَّ كَثِيراً مّنَ الْخُلَطَاء ﴾ ( ص : ٢٤ ) كل واحدة من هذه الأخوات تدلي بحق مانع من الاعتداء والظلم. وقرىء :( تسع وتسعون )، بفتح التاء. ونعجة، بكسر النون وهذا من اختلاف اللغات، نحو نطع ونطع، ولَقْوَةٌ وَلِقْوَة ﴿ أَكْفِلْنِيهَا ﴾ ملكنيها. وحقيقته : أجعلني أكفلها كما أكفل ما تحت يدي ﴿ وَعَزَّنِى ﴾ وغلبني. يقال : عزّه يعزّه. قال :% ( قَطَاةٌ عَزَّهَا شَرَكٌ فَبَاتَت % يُجَاذِبُهُ وَقَدْ عَلِقَ الْجَنَاحُ

__________


الصفحة التالية
Icon