إليه في مرضه من تعظيم ما نزل به من البلاء، ويغريه على الكراهة والجزع، فالتجأ إلى الله تعالى في أن يكفيه ذلك بكشف البلاء، أو بالتوفيق في دفعه ورده بالصبر الجميل. وروى أنه كان يعوده ثلاثة من المؤمنين، فارتد أحدهم، فسأل عنه فقيل : ألقى إليه الشيطان : إن الله لا يبتلي الأنبياء والصالحين، وذكر في سبب بلائه أنّ رجلاً استغاثه على ظالم فلم يغثه. وقيل : كانت مواشيه في ناحية ملك كافر، فداهنه ولم يغزه. وقيل : أعجب بكثرة ماله ﴿ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ﴾ حكاية ما أجيب به أيوب، أي : اضرب برجلك الأرض. وعن قتادة : هي أرض الجابية فضربها، فنبعت عين فقيل :﴿ هَاذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ﴾ أي : هذا ماء تغتسل به وتشرب منه، فيبرأ باطنك وظاهرك، وتنقلب ما بك قلبة. وقيل : نبعت له عينان، فاغتسل من إحداهما وشرب من الأخرى، فذهب الداء من ظاهره وباطنه بإذن الله، وقيل : ضرب برجله اليمنى فنبعت عين حارة فاغتسل منها، ثم باليسرى فنبعت باردة فشرب منها ﴿ رَحْمَةً مّنَّا وَذِكْرَى ﴾ مفعول لهما. والمعنى : أنّ الهبة كانت للرحمة له ولتذكير أولى الألباب، لأنهم إذا سمعوا بما أنعمنا به عليه لصبره، رغبهم في الصبر على البلاء وعاقبة الصابرين وما يفعل الله بهم ﴿ وَخُذْ ﴾ معطوف على اركض. والضغث : الحزمة من حشيش أو ريحان أو غير ذلك. وعن ابن عباس : قبضة من الشجر، كان حلف في مرضه ليضربنّ امرأته مائة إذا برأ، فحلل الله يمينه بأهون شيء عليه وعليها لحسن خدمتها إياه ورضاه عنها، وهذه الرخصة باقية. وعن النبي ﷺ :
( ٩٦٠ ) أنه أتى بمخدج، وقد خبث بأمة، فقال :( خذوا عثكالاً فيه مائة شمراخ فاضربوه بها ضربة ) ويجب أن يصيب المضروب كل واحد من المائة، إمّا أطرافها