ثم يحدد الحق تبارك وتعالى لنا مهمتنا في أن هذا الكتاب مطلوب أن نبلغه للناس جميعاً، واقرأ قوله سبحانه: ﴿المص كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وذكرى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: ١ - ٢] فالخطاب هنا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وكل خطاب لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في القرآن الكريم، يتضمن خطابا لأمته جميعاً، فالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كلف بأن يبلغ الكتاب للناس، ونحن مكلفون بأن نتبع المنهج نفسه ونبلغ ما جاء في القرآن للناس حتى يكون الحساب عدلا، وأنهم قد بلغوا منهج الله، ثم كفروا به أو تركوه، إذن فإبلاغ الكتاب من المهمات الأساسية التي حددها الله سبحانه وتعالى بالنسبة للقرآن.
والكتاب فيه رد على حجج الكفار وأباطيلهم. واقرأ قول الله تبارك وتعالى: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الكتاب الحكيم أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إلى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ الناس وَبَشِّرِ الذين آمنوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ الكافرون إِنَّ هذا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ﴾ [يونس: ١ - ٢] وفي هذه الآيات الكريمة: يلفتنا الله سبحانه وتعالى إلى حقيقتين.. الحقيقة الأول هي أن الكفار يتخذون من بشرية الرسول حُجة بأن هذا الكتاب ليس من عند الله. وكان الرد هو: أن كل الرسل السابقين كانوا بشراً، فما هو العجب في أن يكون محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رسولاً بشراً. واللفتة الثانية هي ان هذا القرآن مكتوب بالحروف نفسها التي خلقها الله لنا لنكتب بها، ومع ذلك فإن القرآن الكريم نزل مستخدماً لهذه الحروف التي يعرفها الناس جميعاً، معجزاً في ألا يستطيع