اذن فهناك هدى من الله لكل خلقه وهو أن يدلهم سبحانه وتعالى ويبين لهم الطريق المستقيم. هذا هو هدى الدلالة، وهو أن يدل الله خلقه جميعا على الطريق الى طاعته وجنته. واقرأ قوله تبارك وتعالى: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فاستحبوا العمى عَلَى الهدى﴾ [فصلت: ١٧] اذن الحق سبحانه وتعالى دلهم على طريق الهداية.. ولكنهم أحبوا طريق الغواية والمعصية واتبعوه.. هذه هداية الدلالة.. أما هداية المعونة ففي قوله سبحانه: ﴿والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ﴾ [محمد: ١٧] وهذه هي دلالة المعونة.. وهي لا تحق إلا لمن آمن بالله واتبع منهجه وأقبل على هداية الدلالة وعمل بها.. والله سبحانه وتعالى لا يعين من يرفض هداية الدلالة، بل يتركه يضل ويشقى.
. ونحن حين نقرأ القرآن الكريم نجد أن الله تبارك وتعالى: يقول لنبيه ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ﴿إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَآءُ﴾ [القصص: ٥٦] وهكذا نفى الله سبحانه وتعالى عن رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يكون هاديا لمن أحب.. ولكن الحق يقول لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ﴿وَإِنَّكَ لتهدي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢] فكيف يأتي هذا الاختلاف مع أن القائل هو الله.