إذن فقد عرفت الروح بأثرها، والروح مخلوق لله.. فكيف تريد وأنت عاجز أن تدرك مخلوقا في جسدك وذاتك وهو الروح بآثارها.. ان تدرك الله سبحانه وتعالى بحواسك.
ونحن إذا آمنا بالقمة الغيبية وهو الله جل جلاله.. فلابد أن نؤمن بكل ما يخبرنا عنه وإن لم نَرَه.. ولقد أراد الله تبارك وتعالى رحمة بعقولنا أن يقرب لنا قضية الغيب فأعطانا من الكون المادي أدلة على أن وجود الشيء، وادراك هذا الوجود شيئان منفصلان تماما..
فالجراثيم مثلا موجودة في الكون تؤدي مهمتها منذ بداية الخلق.. وكان الناس يشاهدون آثار الأمراض في أجسادهم من ارتفاع في الحرارة وحمى وغير ذلك وهم لا يعرفون السبب.. فلما ارتقى العلم وأذن الله لخلقه أن يروا هذا الوجود للجراثيم.. جعل الله العقول قادرة على أن تكتشف المجهر.. الذي يعطينا الصورة مكبرة.. لأن العين قدرتها البصرية أقل من أن تدرك هذه المخلوقات الدقيقة.. فلما اكتشف العلم المجهر.. استطعنا أن نرى هذا الجراثيم.. ونعرف أن لها دورة حياة وتكاثر إلى غير ما يكشفه الله لنا من علم كما تقدم الزمن..
إن عدم قدرتنا على رؤية أي شيء لا يعني أنه غير موجود.
. ولكن آلة الإدراك وهي البصر عاجزة عن أن تراه، لأنه غاية في الصغر.. فاذا جئت بالمجهر كبر لك هذا الميكروب ليدخل في نطاق وسيلة رؤيتك وهي العين.. ورؤيتنا للجراثيم والميكروبات ليست دليلا على أنها خلقت ساعة رأيناها.. بل هي موجودة تؤدي مهمتها.. سواء رأيناها أو لم نرها.
فلو حدثنا أحد عن الميكروبات والجراثيم قبل أن نراها رؤية العين.. هل كنا نصدق؟.. والله سبحانه وتعالى ترك بعض خلقه غير مدرك في زمنه لبعض حقائق الكون ليرتقي الانسان ويدرك بعد ذلك.. وكان المفروض أنه يزداد ايمانا.. عندما يدرك وليعرف الخلق بالدليل المادي أن ما هو غيب عنهم موجود وان كنا لا نراه..
والله تبارك وتعالى قد أعطانا من آياته في الكون ما يجعلنا ندرك أن لهذا الكون خالقا.. فالشمس والقمر والنجوم والأرض والانسان والحيوان والجماد لا يستطيع أحد أن يدعي انه خلقهم.. ولا أحد يمكن أن يدعي أنه خلق نفسه أو غيره..