وهكذا يرينا الحق سبحانه، أن كل منافق له أكثر من حياة يحرص عليها، والحياة لكي تستقيم، يجب أن تكون حياة واحدة منسجمة مع بعضها البعض، ولكن انظر إلى هؤلاء.. مع المؤمنين يقولون آمنا، ويتخذون حياة الإيمان ظاهرا، أي أنهم يمثلون حياة الإيمان، كما يقوم الممثل على المسرح بتمثيل دور شخصية غير شخصيته تماماً.. حياتهم كلها افتعال وتناقض، فإذا بعدوا عن الذين آمنوا، يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شَيَاطِينِهِمْ﴾.
وانظر إلى دقة الأداء القرآني، الشيطان هو الدس الخفي، الحق ظاهر وواضح، أما منهج الشيطان وتآمره فيحدث في الخفاء لأنه باطل والنفس لا تخجل من حق أبدا، ولكنها تخشى وتخاف وتحاول أن تخفي الباطل.
ولنضرب لذلك مثلا بسيطا، رجل يجلس مع زوجته في منزله، وطرق الباب طارق، ماذا يحدث؟ يقوم الرجل بكل اطمئنان، ويفتح الباب ليرى من الطارق، فإن وجده صديقاً أو قريبا أكرمه ورحب به وأصر على أن يدخل ليضيفه. وتقوم الزوجة بإعداد الطعام أو الشراب الذي سيقدم للضيف، نأخذ هذه الحالة نفسها إذا كان الإنسان مع زوجة غيره في شقته وطرق الباب طارق، يحدث ارتباك عنيف، ويبحث الرجل عن مكان يخفي فيه المرأة التي معه، أو يبحث عن باب خفي ليخرجها منه، أو يحاول أن يطفئ الأنوار ويمنع الأصوات لعل الطارق يحس أنه لا يوجد أحد في المكان فينصرف، وقبل أن يُخْرِجَ تلك المرأة المحرمة عليه، فإنه يفتح الباب بحرص، وينظر يمينا ويسارا ليتأكد هل يراه أحد، وعندما لا يجد أحدا يسرع بدفع المرأة إلى الخارج، لأنها إثم يريد أن يتخلص منه، وإذا نزل ليوصلها يمشي بعيدا عنها، ويظل يرقب الطريق، ليتأكد من أن أحدا لم يره، وعندما يركبان السيارة ينطلقان بأقصى سرعة.


الصفحة التالية
Icon