السماء دونما تعب منهم.. ولكنهم لعدم إيمانهم بالغيبيات يريدون الأمر المادي وهم يخافون أن ينقطع المَنَّ والسلْوى عنهم يوما ما فماذا يفعلون؟
لو كانوا مؤمنين حقا لقالوا: إن الذي رزقنا بالمن والسلوى لن يضيعنا.. ولكن الحق جل جلاله ينزل لهم طعامهم يوميا من السماء وهم بدلا من أن يقابلوا هذه النعمة بالشكر قابلوها بالجحود.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا ولكن كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ فالحق سبحانه وتعالى يتحدث للمرة الثالثة عن ظلم قوم موسى.. ففي المرة الأولى قال «وأنتم ظالمون». وفي الآية الثانية قال: «ظلمتم أنفسكم».. وفي هذه الآية قال: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا ولكن كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾..
ولقد سبق أن قلت أنه لا أحد يستطيع أن يظلم الله لأن الله سبحانه وتعالى باق بقدرته وقوته وعظمته.. لا يقلل منها لو كفر أهل الأرض جميعا ولا يزيد فيها لو آمن أهل الأرض كلهم. فقدرة الله باقية وكلمته ماضية.
. ولكن نحن الذين نظلم أنفسنا.. بأن نوردها مورد التهلكة والعذاب الذي لا نجاة منه دون أن نعطيها شيئا..
إن الدنيا كما قلنا عالم أغيار. والنعمة التي أنت فيها زائلة عنك. إما أن تتركها بالموت أو تتركك هي وتزول عنك.. وتخرج من الدنيا تحمل أعمالك فقط.. كل شيء زال وبقيت ذنوبك تحملها إلى الآخرة.. ولذلك فإن كل من عصى الله وتمرد على دينه قد ظلم نفسه لأنه قادها إلى العذاب الأبدي طمعا في نفوذ أو مال زال بعد فترة قصيرة ولم يدم.. فكأنه ظلمها بأن حرمها من نعيم أبدي وأعطاها شهوة قصيرة عاجلة «.