الكريم.. كانوا سيقولون لقد قال الله سبحانه وتعالى: ﴿سَيَقُولُ السفهآء مِنَ الناس﴾.. ولكن أحدا لم يقل شيئا فأين هم هؤلاء السفهاء ولماذا لم يقولوا؟ وكان هذا يعتبر تحديا للقرآن الكريم في أمر يملكون فيه حرية الاختيار.. ولكن لأن الله هو القائل والله هو الفاعل.. لم يخطر ذلك على بالهم أبدا، وقالوا بالفعل.
في الآية الكريمة التي نحن بصددها.. تحداهم القرآن أن يتمنوا الموت ولم يتمنوه.. وكان الكلام المنطقي مادامت الدار الآخرة خالصة لهم.. والله تحداهم أن يتمنوا الموت إن كانوا صادقين لتمنوه.. ليذهبوا إلى نعيم أبدي.. ولكن الحق حكم مسبقا أن ذلك لن يحدث منهم.. لماذا؟ لأنهم كاذبون ويعلمون أنهم كاذبون.. لذلك فهم يهربون من الموت ولا يتمنونه.
انظروا مثلا إلى العشرة المبشرين بالجنة.. عمار بن ياسر في الحرب في حنين.. كان ينشد وهو يستشهد الآن ألقى الأحبة محمدا وصحبه.. كان سعيداً لأنه أصيب وكان يعرف وهو يستشهد أنه ذاهب إلى الجنة عند محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وصحابته.
. هكذا تكون الثقة في الجزاء والبشرى بالجنة.. وعبد الله بن رواحة كان يحارب وهو ينشد ويقول:
يا حبذا الجنة واقترابها... طيبة وبارد وشرابها
والإمام علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه يدخل معركة حنين ويرتدي غلالة ليس لها دروع.. لا ترد سهما ولا طعنة رمح.. حتى إن إبنه الحسن يقول له: يا أبي ليست هذه لباس حرب.. فيرد علي كرم الله وجهه: يا بني إن أباك لا يبالي أسقط على الموت أم سقط الموت عليه.. وسيدنا حذيفة بن اليمان ينشد وهو يحتضر.. حبيب جاء على ناقة لا ربح من ندم.. إذن الذين يثقون بآخرتهم يحبون الموت.
وفي غزوة بدر سأل أحد الصحابة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.. يا رسول الله أليس بيني وبين الجنة إلا أن أقاتل هؤلاء فيقتلوني.. فيجيب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نعم.. وكان في يد الصحابي تمرات يمضغها.. فيستبطئ أن يبقى بعيدا عن الجنة حتى يأكل التمرات فيلقيها من يده ويدخل المعركة ويستشهد.
هؤلاء هم الذين يثقون بما عند الله في الآخرة.. ولكن اليهود عندما تحداهم