وقوله تعالى: «خلت» أي انفردت. وخلا فلان بفلان أي انفرد به.. وخلا المكان من نزيله أي أصبح المكان منفردا، والنزيل منفردا ولا علاقة لأحدهما بالآخر.. الله تبارك وتعالى يقول: ﴿وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شَيَاطِينِهِمْ قالوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ [البقرة: ١٤]
أي إنفردوا هم وشياطينهم ولم يعد في المكان غيرهم؛ ولقد قلنا إن كل حدث لابد أن يكون له محدث، ولا حدث يوجد بذاته، وكل حدث يحتاج إلى زمان ويحتاج إلى مكان.. فإذا قال الحق تبارك وتعالى: ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ﴾ فمعناه إنه انقضى زمانها وانفرد عن زمانكم.
والمقصود بقوله تعالى: ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ﴾ أي انتهى زمانها.. وتلك إسم إشارة لمؤنث مخاطب وأمة هي المشار إليه، والخطاب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ولعامة المسلمين.. والله سبحانه وتعالى حين يقول: ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ﴾ فكأنها مميزة بوحدة عقيدتها ووحدة إيمانها حتى أصبحت شيئا واحدا.. ولذلك لابد أن يخاطبها بالوحدة.. واقرأ قوله تعالى: ﴿إِنَّ هذه أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فاعبدون﴾ [الأنبياء: ٩٢]


الصفحة التالية
Icon