والذي حاج ابراهيم في ربه كافر منكر للألوهية.. ومع ذلك فإنه لم يأخذ الملك بذاته.. بل الله جل جلاله هو الذي اتاه الملك.. اذن الله تبارك وتعالى هو الذي استخلف بعض خلقه ومكنهم من ملك الارض ظاهريا.. ومعنى ذلك انه ملك ظاهر للناس فقط.. أن بشرا أصبح ملكا.. ولكن الملك ليس نابعا من ذات من يملك.. ولكنه نابع من أمر الله.. ولو كان نابعا من ذاتية من يملك لبقى له ولم ينزع منه.. والملك الظاهر يمتحن فيه العباد، فيحاسبهم الله يوم القيامة.. كيف تصرفوا؟ وماذا فعلوا؟.. ويمتحن فيه الناس هل سكتوا على الحاكم الظالم؟.. وهل استحبوا المعصية؟ أم أنهم وقفوا مع الحق ضد الظلم؟.. والله سبحانه وتعالى لا يمتحن الناس ليعلم المصلح من المفسد.. ولكنه يمتحنهم ليكونوا شهداء على أنفسهم.. حتى لا يأتي واحد منهم يوم القيامة ويقول: يا رب لو أنك أعطيتني الملك لا تبعت طريق الحق وطبقت منهجك.
وهنا يأتي سؤال.. اذا كان الله سبحانه وتعالى يعلم كل شيء فلماذا الامتحان؟.. نقول اننا اذا أردنا ان نضرب مثلا يقرب ذلك الي الأذهان.. ولله المثل الاعلى.. نجد ان الجامعات في كل انحاء الدنيا تقيم الامتحانات لطلابها.. فهل اساتذة الجامعة الذي علموا هؤلاء الطلاب يجهلون ما يعرفه الطالب ويريدون ان يحصلوا منه على العلم؟.. طبعا لا.. ولكن ذلك يحدث حتى اذا رسب الطالب في الامتحان.. وجاء يجادل واجهوه بإجابته فيسكت.. ولو لم يعقد الامتحان لادعي كل طالب انه يستحق مرتبة الشرف.
اذا قال الحق تبارك وتعالى: ﴿مالك يَوْمِ الدين﴾.. أي الذي يملك هذا اليوم وحده يتصرف فيه كما يشاء.. واذا قيل: ﴿مالك يَوْمِ الدين﴾.. فتصرفه أعلى على المالك لأن المالك لا يتصرف إلاّ في ملكه.. ولكن الملك يتصرف في ملكه وملك غيره.
. فيستطيع أن يصدر قوانين بمصادرة أو تأميم ما يملكه غيره.
الذين قالوا: ﴿مالك يَوْمِ الدين﴾ اثبتوا لله سبحانه وتعالى انه مالك هذا اليوم يتصرف فيه كما يشاء دون تدخل من احد ولو ظاهرا: والذين يقرأون ملك.. يقولون ان الله سبحانه وتعالى في ذلك اليوم يقضي في امر خلقه حتى الذين مَلَّكَهُم في الدنيا ظاهرا.. ونحن نقول عندما يأتي يوم القيامة لا مالك ولا ملك الا الله.