وما دام الحق سبحانه قد قال: ﴿لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله﴾ فلن تجد أحداً قادراً على ذلك، كما أن الخلق مقهورون كلهم يوم القيامة؛ ومَنْ كان يبيح له الله تعالى أن يملك شيئاً في الدنيا لم يعد مالكاً لشيء، بدليل أن الكل سيسمع قول الحق سبحانه:
﴿لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار﴾ [غافر: ١٦].
وما دام الحق سبحانه قد وعد ببشرى الدنيا وبشرى الآخرة، فلا تبديل لما حكم به الله، فلا شيء يتأبَّى على حكم الله تعالى، والوعد بالبُشريات في الدنيا وفي الآخرة فوز عظيم مؤكد.
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: ﴿وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً﴾
تجيء هذه الآية بعد أن بيَّن الله سبحانه وتعالى اعتراضات الكفار، وإيذاءهم لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وتكذيبهم له وقولهم فيه ما قالوه، وفيما قالوه ما أحزنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ لذلك طلب منه الحق سبحانه ألاَّ ينفعل لما قالوه انفعال الحزين، فقد قالوا: ساحر، وكاذب، ومُفْتَرٍ، ومجنون، وقد نفى عنه الحق سبحانه كل ما قالوه، فلو كان محمد صلى عليه وسلم ساحراً فلماذا لم يسحرهم هم أيضاً، وهل للمسحور إرادة مع الساحر؟!
إذن: كَذَّبَ قولَهم في أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سحر عبيدَهم وأولادَهم.
وقالوا: مجنون، ولم يكن في سلوكه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أدنى أثر من جنون، وفنَّد أقوالهم هذه بقوله سبحانه:


الصفحة التالية
Icon