﴿وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم باليل والنهار وابتغآؤكم مِّن فَضْلِهِ﴾ [الروم: ٢٣].
لأن الحق سبحانه قد علم أزلاً أن هناك مصالح لا يمكن إلا أن تكون ليلاً، فالذي يعمل ليلاً يرتاح نهاراً، ولو أن الآية جاءت عمومية؛ لقلنا لمن ينام بالنهار: لا، ليس هذا وقت السكن والراحة.
ولكن شاء الحق سبحانه أن يضع الاحتياطيَّ القدريَّ؛ ليرتاح من يتصل عمله بالليل.
وهنا يقول الحق سبحانه:
﴿هُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ اليل لِتَسْكُنُواْ فِيهِ﴾ يونس: ٦٧].
ونحن نعلم أن هناك فارقاً بين «الخَلْق»، و «الجَعْل»، و «المِلْك، والمثال على الخلق: أنه سبحانه خَلَق الزمن، ثم جاء لهذا الزمن ليجعل منه ليلاً ونهاراً.
إذن: فالجعل هو توجيه شيء مخلوق لمهمة.
ومثال ذلك ولله المثل الأعلى وهو منُزَّه عن أي تشبيه أو مثل:
تجد صانع الفخَّار وهو يمسك بالطين؛ ليجعل منه إبريقاً، فهو يصنع الطين أولاً بأن يخلط الماء بالتراب ويعجنها معاً، ثم يجعل من الطين