والله سبحانه يقول مرة عن القرآن أنه: ﴿كِتَابٌ﴾ ومرة يقول:
﴿قُرْآنٍ﴾ [يونس: ٦١].
والقرآن يُقرأ، والكتاب يُكتب، وشاء الحق سبحانه ذلك؛ ليدُلَّك على أن الحافظ للقرآن مكانان: صدور، وسطور. فإن ضَلَّ الصدر، تذكر السطر.
ولذلك «حين أراد المسلمون الأوائل جمع القرآن، ومطابقة ما في الصدور على ما في السطور، وضعوا أسساً لتلك العملية الدقيقة، من أهمها ضرورة وجود شاهدين على كل آية، ووقفوا عند آخر آيتين في سورة التوبة، ولم يجدوا إلا شاهداً واحداً هو» خزيمة «، وصدَّقوا» خزيمة «وكتبوا الآيتين عنه؛ لأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان قد منحه وساماً، حين قال عنه:» من شهد له خزيمة فهو حسبه «.
إذن: فإطلاق صفة الكتاب على القرآن، سببها أنه مكتوب، وهو قرآن؛ لأنه مقروء.
ولم تكن الكتابة في الأزمنة القديمة مسألة سهلة، فلم يكن يُكتب إلا النفيس من الأعمال، أو لأن القرآن كتاب؛ لأنه في الأصل مكتوب في اللوح المحفوظ.