وهكذا نجد أن العبادة تقتضي وجود معبود له أمر وله نهي، والمعبود الذي لا أمر له ولا نهي لا يستحق العبادة، فهل مَنْ عَبَدَ الصنم تلقَّى من أمراً أو نهياً؟
وهل مَنْ عَبَدَ الشمس تلقَّى منها أمراً أو نهياً؟
إذن: فكلمة العبادة لكل ما هو غير الله هي عبادة باطلة؛ لأن مثل تلك المعبودات لا أمر لها ولا نهي، وفوق ذلك لا جزاء عندها على العمل الموافق لها أو المخالف لها.
والعبادة بدون منهج «افعل» و «لا تفعل» لا وجود لها، وعبادة لا جزاء عليها ليست عبادة.
وهنا يجب أن نلحظ أن قول الحق سبحانه:
﴿أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ الله﴾ [هود: ٢].
غير قوله سبحانه:
﴿اعبدوا الله﴾ [المائدة: ٧٢].
ولو أن الرسل تأتي الناس وهم غير ملتفتين إلى قوة يعبدونها ويقدسونها لكان على الرسل أن يقولوا للناس: ﴿اعبدوا الله﴾ [الأعراف: ٥٩].
ولكن هنا يقول الحق سبحانه: ﴿أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ الله﴾ [هود: ٢].
فكأنه سبحانه يواجه قوماً لهم عبادة متوجهة إلى غير من يستحق العبادة؛ فيريد سبحانه أولاً أن يُنهي هذه المسألة، ثم يثبت العبادة لله.
إذن: فهنا نفي وإثبات، مثل قولنا: «أشهد ألا إله إلا الله»، هنا ننفي أولاً أن هناك إلهاً غير الله، ونثبت الألوهية لله سبحانه.
وأنت لا تشهد هذه الشهادة إلا إذا وُجد قوم يشهدون أن هناك إلهاً غير


الصفحة التالية
Icon