إذن: فالقسم يأتي لشك طرأ عند السامع، وأنت لا تقسم ابتداء.
ويأتي القسم على مقدار مراتب الشك، وتأكيداً بأدواته.
والقرآن الكريم يقول هنا:
﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ﴾ [هود: ٨].
فالواو هنا هي واو القسم، وهنا أيضاً شرط، والقسم يحتاج لجواب، والشرط أيضاً يحتاج إلى جواب.
وإذا اجتمع الشرط والقسم فبلاغة الأسلوب تكتفي بجواب واحد، مثلما نقول: «والله إن فعلت كذا لأفعلن معك كذا».
وهكذا يُغْنِي جواب القسم عن جواب الشرط، والمتقدم سواء أكان قسماً أو شرطاً هو الذي يغني جوابه عن الآخر.
مثلما نقول: «والله إن جاء فلان لأكرمته»، فالقسم هنا متقدم، وأغنى جوابه عن جواب الشرط. وإن قلت: إن جاءك فلان والله لتكرمه، فهنا الشرط هو المتقدم.
والاثنان متحدان، لكن غاية ما هناك أن القسم تأكيد والشرط تأسيس، فإذا تقدم ذو خبر على الاثنين على الشرط وعلى القسم نأتي بجواب الشرط فوراً، مثلما نقول: «زيد والله إن جاءك أكرمه» ؛ لأن الشرط كما قلنا تأسيس، والقسم تأكيد، ويرجح هنا الشرط، لأن التأسيس أولى من التأكيد.
وهنا يقول الحق سبحانه:
﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ﴾ [هود: ٨].