ولذلك قال سبحانه:
﴿وَحَاقَ بِهِم﴾ [هود: ٨].
مع أن السياق في العرف البشري أن يقال: وسيحيق بهم ما كانوا به يستهزئون؛ لأنهم كانوا يستعجلون العذاب.
وجاء قول الحق سبحانه وتعالى: ﴿وَحَاقَ﴾ لأن الأمر بالنسبة له سبحانه لن يحول بينه وبين وقوعه أي عائق.
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإنسان﴾
وهنا أيضاً تبدأ الآية الكريمة بقوله سبحانه: ﴿وَلَئِنْ﴾ وهذا يعني أن اللام قد سبقت لتدل على القسم، وكأنه يقول: لئن أذقنا الإنسان رحمة، ثم نزعناها منه لوقع في الياس.
وهنا أيضاً قسم وشرط، والقسم متقدم، فالجواب يكون للقسم.
وكلمة ﴿أَذَقْنَا﴾ توضح أن الإذاقة محلها الأول الفم، ومعناها: تناول الشيء لإدراك طعمه: حلو أو مر، لاذع أوغير لاذع، قلوي أو حامض.
ومن العجيب في دقة التكوين الإنساني أن كل منطقة في اللسان لها طعم تنفعل له، فطرف اللسان ينفعل لطعم معين، ووسط اللسان ينفعل لطعم آخر، وجوانب اللسان تنفعل لطعم ثالث، وهكذا.