إذن: فالقرائن لها مهمة يجب ألاّ تنفلت إلى غيرها، والدين قد جاء ليعلي من الغرائز ويوجهها إلى مهامها.
لذلك نجد الحق سبحانه وتعالى يقول:
﴿وَلاَ تَجَسَّسُواْ﴾ [الحجرات: ١٢].
أي: لا تتبعوا العورات؛ لأننا لو أبحنا لواحد أن يتتبع عورات الناس؛ لأبحنا لكل الآخرين أن يتتبعوا عوراته.
وحين منع الحق سبحانه وتعالى الإنسان من تتبُّع عورات غيره، فهو قد حماه من تتبع عوراته.
وهنا يقول الحق سبحانه:
﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإنسان مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ﴾ [هود: ٩].
وكلمة «النزع» تفيد أن الإنسان حريص على ما وهبه له الله تعالى من خير وصحة وعافية ويُسْر. وحين تؤخذ منه النعمة فهو يقاوم.
والنزع يعني: استمساك المنزوع منه بالشيء المنزوع.
ولذلك يقول الحق سبحانه في سورة آل عمران:
﴿قُلِ اللهم مَالِكَ الملك تُؤْتِي الملك مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الملك مِمَّنْ تَشَآءُ﴾ [آل عمران: ٢٦].