الإنسان غَيْرَ قادر على إدراك كل شيء.
وذلك يوضح لنا أن رؤيتنا للسماء مرفوعة بغير عَمَد نراها؛ قد يعني وجود أعمدة مصنوعة بطريقة غير معروفة لنا؛ أو هي مرفوعة بغير عَمَدٍ على الإطلاق.
وقول الحق سبحانه: ﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا... ﴾ [الرعد: ٢]
هو كلام خبري، والمثل من حياتنا حين تقول لابنك: «أنا خارج إلى العمل؛ وذاكر أنت دروسك»، وبذلك تكون قد أوضحت له: «ذاكر دروسك» وهذا كلام خبريّ؛ لكن المراد به إنشائيّ.
وإبراز الكلام الإنشائي في مَقَام الكلام الخبري له مَلْحظ، مثلما تقول: «فلان مات رَحِمَهُ اللَّهُ» وقولك «رَحِمَهُ اللَّهُ» كلام خبريّ؛ فأنت تخبر أن الله قد رحمه.
على الرغم من أنك لا تدري: هل رَحِمَهُ اللَّهُ أم لا؛ ولكنك قلت ذلك تفاؤلاً أن تكون الرحمةُ واقعة به، وكان من الممكن أن تقول: «مات فلان يا ربي ارحمه»، وأنت بذلك تطلب له الرحمة.
كذلك قول الحق سبحانه: ﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا.
..﴾ [الرعد: ٢]
أي: دَقِّقوا وأمعِنُوا النظر إليها، وابحثوا فيما يعنيكم على ذلك إن استطعتم، وإذا لفتَكَ المتكلم إلى شيء لِيُحرِّك فيك حواسَّ إدراكك فمعنى ذلك أنه واثقٌ من صَنْعته.