ولو كان الحق سبحانه قد أراد أن تعلم شيئاً عن تفاصيل هذين الأمرين لأشهد خلقهما لبعض من البشر، لكنه سبحانه نفى هذا الإشهاد؛ لذلك ستظل هذه المسألة لُغْزاً للأبد؛ ولن تَحُلًّ أنت هذا اللُّغْز أبداً؛ بل يحلُّه لك البلاغ عن الحقِّ الذي خلق.
وقد أوضح لك أنه قد خلقك من طين، ونفخَ فيك من روحه، فاسمع منه كيفية خَلْقك وخَلْق الكون كله.
ويدل الإعجاز البياني في القرآن على أن بعضاً مِمَّنْ يملكون الطموح العقلي أرادوا أن يأخذوا من القرآن أدلة على صِحَّة تلك النظريات التي افترضها بعض من العلماء عن خَلْق الإنسان وخَلْق الأرض، فيبلغنا الحق سبحانه مقدَّماً ألاّ نصدقهم.
ويقول لنا: ﴿مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السماوات والأرض وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المضلين عَضُداً﴾ [الكهف: ٥١]
والمُضِلّ هو مَنْ يُضِلُّك في المعلومات، هكذا أثبت لنا الحق سبحانه أن هناك مُضلِّين سيأتون ليقولوا كلاماً افتراضياً لا أساسَ له من الصِّحة.
وأوضح لنا سبحانه أن أحداً لم يتلصَّصْ عليه، ليعرف كيفية خَلْق الشمس أو الأرض، ومَنْ يدعي معرفة ذلك فهو من المُضلِّين؛ لأنهم قَفَوْا ما ليس لهم به علم.