ويُذيل الحق سبحانه الآية الكريمة بقوله: ﴿... إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الرعد: ٤]
وبعض الناس يظنون أن العقل يعني أنْ يمرحَ الإنسان في الأشياء، وأنه يعطي الإنسان الحرية المطلقة، ومثل هذا الظن خاطئ؛ لأن العقل جاء لِيُبصِّر الإنسانَ بعواقب كُلِّ فعل ونتائجه، فيقول للإنسان: «إياكَ أنْ يستهويك الأمر الفلاني لأن عاقبته وخيمة». ومن مادة العين والقاف واللام عقل. ويقال: عقلْتُ البعير.
ومن مهام العقل أنْ يُفرِز الأشياء، وأنْ يفكر فيها ليستخرج المطلوب، وأنْ يتدبر كل أمر، فعمليات العقل هي الاستقبال الإدراكي والبحث فيه لاستخلاص الحقائق والنتائج، وأن يتدبر الإنسان كل أمر كي يتجنب ما فيه من ضرر.
والمثل: هو ما توصَّل إليه بعضٌ من العلماء من اكتشاف لأدوية يستخدمونها لفترة ما، ثم يعلنون عن الاستغناء عنها؛ لأن آثارها الجانبية ضارة جداً؛ وهذا يعني أنهم لم يتدبروا الأمر جيداً؛ وخَطَوْا خطوات إلى ما ليس لهم به كامل العلم.
وقول الحق سبحانه: ﴿... إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الرعد: ٤]
نلحظ فيه توجيهاً بالتعاون بين العقول، لتبحث في آيات رَبِّ العقول؛ فلا يأخذ أحد قراراً بعقله فقط؛ بل يسمع أيّ مِنّا لرأي عقل ثانٍ وعقل ثالث ورابع؛ ليستطيع الإنسان تدبُّر ما يمكن أنْ يقع؛ ولتتكاتف العقول في استنباط الحقائق النافعة التي لا يتأتَّى منها