﴿لاَ أُقْسِمُ بهذا البلد وَأَنتَ حِلٌّ بهذا البلد وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾ [البلد: ١ - ٣]
والعجيب أنه يأتي بجواب القسم، فيقول: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان فِي كَبَدٍ﴾ [البلد: ٤]
وقد يقول قائل: كيف يقول: ﴿لاَ أُقْسِمُ... ﴾ [البلد: ١]
ثم يأتي بجواب القسم؟
وأقول: لقد جاء هنا بقوله: ﴿لاَ أُقْسِمُ... ﴾ [البلد: ١]
وكأنه يُوضِّح ألاَّ حقَّ لكم في الإنكار؛ ولذلك ما كان يصحّ أنْ أقسم لكم، ولو كنت مُقْسِماً؛ لأقسمتُ بكذا وكذا وكذا.
وسبحانه يقول في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها: ﴿وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ... ﴾ [الرعد: ٥]
وهو جَلَّ وعلا يُذكِّرهم بما كان يجب ألاَّ ينسوه؛ فقد خلقهم من تراب؛ وخلق التراب من عدم، وهو القائل: ﴿أَفَعَيِينَا بالخلق الأول بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [ق: ١٥]