وجعل سبحانه المخاف من سوء العذاب؛ وأنت تقول: خِفْتُ زيداً، وتقول: خِفْتُ المرض، ففيه شيء تخافه؛ وشيء يُوَقِع عليك ما تخافه.
وأولو الألباب يخافون سُوء حساب الحق سبحانه لهم؛ فيدعهم هذا الخوف على أَنْ يَصِلوا ما أمر به سبحانه أنْ يُوصَل، وأنْ يبتعدوا عن أي شيء يغضبه.
ونحن نعلم أن سوء الحساب يكون بالمناقشة واستيفاء العبد لكل حقوقه؛ فسبحانه مُنزَّه عن ظلم أحد، ولكن مَنْ يُناقش الحسابَ فهو مَنْ يَلْقى العذاب؛ ونعوذ بالله من ذلك، فلا أحد بقادر على أن يتحمل عذابَ الحق له.
ويواصل الحق سبحانه وَصْف أُولي الألباب فيقول:
﴿وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابتغاء وَجْهِ رَبِّهِمْ... ﴾
ونجد هذه الآية معطوفة على ما سبقها من صفات أولي الألباب الذين يتذكَّرون ويعرفون مَواطن الحق بعقولهم اهتداءً بالدليل؛ الذين يُوفون بالعهد الإيماني بمجرد إيمانهم بالله في كُلِّيات العقيدة


الصفحة التالية
Icon