فهل سيأتي وقت يتمنى فيه أهل الكفر أنْ يُسلموا؟ إن «يودّ» تعني «يحب» و «يميل» و «يتمنى»، وكل شيء تميل إليه وتتمناه يسمى «طلب».
ويقال في اللغة: إن طلبت أمراً يمكن أن يتحقق، ويمكن ألاّ يتحقق؛ فإنْ قُلْتَ: «يا ليت الشبابَ يعود يوماً» فهذا طَلبٌ لا يمكن أن يتحققَ؛ لذلك يُقال إنه «تمني». وإنْ قلت «لعلِّي أزور فلاناً» فهذا يُسمّى رجاء؛ لأنه من الممكن أن تزور فلاناً. وقد تقول: «كم عندك؟» بهدف أن تعرف الصورة الذهنية لمَنْ يجلس إليه مَنْ تسأله هذا السؤال، وهذا يُسمّى استفهاماً.
وهكذا إنْ كنت قد طلبتَ عزيزاً لا يُنال فهو تمنٍّ؛ وإن كنت قد طلبتَ ما يمكن أن يُنَال فهو الترجي، وإن كنتَ قد طلبتَ صورته لا حقيقته فهو استفهام، ولكن إنْ طلبت حقيقة الشيء؛ فأنت تطلبه كي لا تفعل الفعل.
والطلب هنا في هذه الآية؛ يقول: ﴿رُّبَمَا يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢]
فهل يتأتَّى هذا الطلب؟
وَلنر متى يودُّون ذلك. إن ذلك التمنِّي سوف يحدث إنْ وقعتْ لهم أحداثٌ تنزع منهم العناد؛ فيأخذون المسائل بالمقاييس الحقيقية.
والحق سبحانه هو القائل: ﴿وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتهآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً... ﴾ [النمل: ١٤]