وهم في اتهامهم للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يلتفتوا إلى أنهم قد خاطبوه بقولهم: (يا أيها)، وهو خطاب يتطابق مع نفس الخطاب الذي يخاطبه به الله؛ وهكذا أجرى الحق سبحانه على ألسنتهم توقيراً واحتراماً للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ دون أنْ يشعروا، وذلك من مشيئته سبحانه حين يُنطِق أهل العناد بالحق دون أن يشعروا.
فقد قال الحق سبحانه عن المنافقين أنهم قالوا: ﴿لاَ تُنفِقُواْ على مَنْ عِندَ رَسُولِ الله حتى يَنفَضُّواْ... ﴾ [المنافقون: ٧]
أي: لا تنفقوا على مَنْ عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، حتى يجوعوا، فينفضوا من حوله. وهم يقولون عنه «رسول الله»، فهل آمنوا بذلك؟ أم أن هذا من غلبة الحق؟
ويتابع سبحانه ما جاء على ألسنتهم: ﴿لَّوْ مَا تَأْتِينَا بالملائكة... ﴾
ونعلم أن في اللغة ألفاظاً تدل على الحَثِّ وعلى رغبة المُتكلِّم في أن يُوجد السامع ما بعدها، ومن هذه الألفاظ «لولا» و «لوما». و «لولا» تجئ للتمنِّي ورغبة ما يكون بعدها، وإن كان ما بعدها نفياً فهو رغبة منك ألا يكون، مثل قولك «لو جاء زيد لأكرمته» لكن لمجيء لم يحدث، وكذلك الإكرام.
وقد قال الكفار هنا ما أورده الحق سبحانه على ألسنتهم: ﴿لَّوْ مَا تَأْتِينَا بالملائكة... ﴾ [الحجر: ٧]