وهكذا تعرَّفْنا على أن تنزيه الله سبحانه وتعالى ذاتاً وصفاتاً وأفعالاً هو أمر ثابتٌ له قَبْل أنْ يُوجَد شيء، وأمرٌ قد ثبت له بعد الملائكة، وثبتَ له بعد وجود السماوات والأرض. وهو أمر طلب الله من العبد المُخيَّر أن يفعله؛ وانقسم العبادُ قسمين، قِسْم آمن وسبَّح، وقِسْم له يُسبِّح فتعالى عنهم الحق سبحانه لأنهم مُشْركون.
ويقول سبحانه من بعد ذلك: ﴿يُنَزِّلُ الملائكة... ﴾.
وساعة نقرأ قوله ﴿يُنَزِّلُ﴾ فالكلمة تُوحِي وتُوضِّح أن هناك عُلواً يمكن أن ينزِلَ منه شيء على أسفل. والمَثلُ الذي أُحِبّ أنْ أضربه هنا لأوضحَ هذا الأمر هو قَوْل الحق سبحانه: ﴿قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ﴾ [الأنعام: ١٥١].
أي: أقبلوا لتسمعوا مِنِّي التكليفَ الذي نزل لكم مِمَّنْ هو أعلى منكم، ولا تظلُّوا في حضيض الأرض وتشريعاتها، بل تَساموا وخُذوا الأمر مِمَّنْ لا هَوى لَه في أموركم، وهو الحق الأعلى.
أما مَنْ ينزلون فَهُم الملائكة، ونعلم أن الملائكة خَلْق غيبيّ آمنَّا به؛ لأن الله سبحانه قد أخبرنا بوجودهم. وكُلَّ ما غاب عن الذِّهْن


الصفحة التالية
Icon