ويعطينا الحق سبحانه الصورة على هذا الأمر في قوله سبحانه: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الجبال جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ الناس والدوآب والأنعام مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء إِنَّ الله عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ [فاطر: ٢٧ - ٢٨].
وأنت تمشي بين الجبال، فتجدها من ألوان مختلفة؛ وعلى الجبل الواحد تجد خطوطاً تفصل بين طبقاتٍ مُتعدّدة، وهكذا تختلف الألوان بين الجمادات وبعضها، وبين النباتات وبعضها البعض، وبين البشر أيضاً.
وإذا ما قال الحق سبحانه: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء... ﴾ [فاطر: ٢٨].
فلَنا أن نعرفَ أن العلماء هنا مقصودٌ بهم كُلّ عالم يقف على قضية كونية مَرْكوزة في الكون أو نزلتْ من المُكوِّن مباشرة.
ولم يقصد الحق سبحانه بهذا القول علماء الدين فقط، فالمقصود هو كل عالم يبحث بحثاً ليستنبط به معلوماً من مجهول، ويُجلّي أسرار الله في خلقه. وقد أراد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يفرق فَرْقاً واضحاً في هذا الأمر، كي لا يتدخل علماء الدين في البحث العلميّ التجريبيّ الذي


الصفحة التالية
Icon