وكذلك قوله الحق: ﴿لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخرة هُمُ الخاسرون﴾ [النحل: ١٠٩].
وقد قال بعض العلماء: إن قوله الحق ﴿لاَ جَرَمَ﴾ يحمل معنى «لا بُدَّ»، وهذا يعني أن قوله الحق: ﴿لاَ جَرَمَ أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ... ﴾ [النحل: ٢٣]..
لا بُدَّ أن يعلم الله ما يُسِرون وما يُعلِنون، ولا مناصَ من أن الذين كفروا هم الخاسرون. وقد حَلَّلَ العلماء اللفظ لِيصِلوا إلى أدقِّ أسراره.
وعِلْم الله لا ينطبق على الجَهْر فقط، بل على السِّر أيضاً؛ ذلك أنه سيحاسبهم على كُلِّ الأعمال. ويُنهِي الحق سبحانه الآية بقوله:
﴿إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المستكبرين﴾ [النحل: ٢٣].
وإذا سألنا: وما علاقةُ عِلْم الله بالعقوبة؟ ونقول: ألم يقولوا في أنفسهم: ﴿لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا الله بِمَا نَقُولُ..﴾ [المجادلة: ٨].
وإذا ما نزل قول الحق سبحانه لِيُخبرهم بما قالوه في أنفسهم؛ فهذا دليل على أن مَنْ يُبلِغهم صادقٌ في البلاغ عن الله، ورغم ذلك فقد استكبروا؛ وتأبَّوْا وعاندوا، وأخذتهم العزة بالإثم، وأرادوا بالاستكبار الهرب من الالتزام بالمنهج الذي جاءهم به الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.


الصفحة التالية
Icon