فالآية هنا: ﴿وَلَمْ يَكُ مِنَ المشركين﴾ [النحل: ١٢٠].
أي: الشرك الخفي، فالأوصاف السابقة نفتْ عنه الشرك الأكبر، فأراد سبحانه أن ينفي عنه شركَ الأسباب أيضاً، وهو دقيق خفيّ.
ولذلك عندما أُلقِيَ عليه السلام في النار لم يلتفت إلى الأسباب وإنْ جاءت على يد جبريل عليه السلام، فقال له حينما عرض عليه المساعدة: أما إليك فلا. فأين الشرك الخفي إذن والأسباب عنده معدومة من البداية؟
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿شَاكِراً لأَنْعُمِهِ..﴾.
قوله تعالى: ﴿شَاكِراً لأَنْعُمِهِ﴾ [النحل: ١٢١].
فيه تلميح لأهل مكة الذين جحدوا نعمة الله وكفروها، وكانت بلدهم آمنة مطمئنة، فلا يليق بكم هذا الكفر والجحود، وأنتم تدَّعُون أنكم على ملِّة إبراهيم عليه السلام فإبراهيم لم يكن كذلك، بل كان شاكراً لله على نعمه.
وقوله: ﴿اجتباه﴾ [النحل: ١٢١].
اصطفاه واختاره للنبوة، واجتباء إبراهيم عليه السلام كان عن اختبار، كما قال تعالى: ﴿وَإِذِ ابتلى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ..﴾ [البقرة: ١٢٤].
أي: اختبره ببعض التكاليف، فأتمها إبراهيم على أكمل وجه، فقال له ربه:


الصفحة التالية
Icon