أن رسول الله صلى الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان في ضيق مما يمكرون، فأراد الحق سبحانه أنْ يُخفِّف عنه ويُسلِّيه، فكان حادث الإسراء، ولما أَلِفَ بنو إسرائيل أن الرسول يُبعَثُ إلى قومه فحسب، كما رأَوا موسى عليه السلام.
فعندما يأتي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ويقول: أنا رسول للناس كافّة سيعترض عليه هؤلاء وسيقولون: إنْ كنتَ رسولاً فعلاً وسلَّمنا بذلك، فأنت رسول للعرب دون غيرهم، ولا دَخْل لك ببني إسرائيل، فَلَنا رسالتنا وبيت المقدس عَلَم لنا.
لذلك أراد الحق سبحانه أن يلفت إسرائيل إلى عموم رسالة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ومن هنا جعل بيت المقدس قبلةً للمسلمين في بداية الأمر، ثم أسرى برسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إليه: ليدلل بذلك على أن بيت المقدس قد دخل في مقدسات الإسلام، وأصبح منذ هذا الحدث في حَوْزة المسلمين.
ثم يبدأ الحديث عن موسى عليه السلام وعن بني إسرائيل، فيقول تعالى: ﴿وَآتَيْنَآ مُوسَى الكتاب... ﴾.
قوله: ﴿وَآتَيْنَآ﴾ أي: أوحينا إليه معانيه، كما قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ الله إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ..﴾ [الشورى: ٥١].


الصفحة التالية
Icon