به، وإنْ مَرّ من اليمين إلى اليسار يسمونه «البارح» ويتشاءمون به، ثم يتهمون الطائر وينسبون إليه العمل، ولا ذنب له ولا جريرة.
إذن: كانوا يتفاءلون باليمين، ويتشاءمون باليسار، وقد كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يحب الفأل الحسن، ولا يحب التشاؤم؛ لأن الفَأْل الطيب يُنشّط أجهزة الجسم انبساطاً للحركة، أما التشاؤم فيدعو للتراجع والإحجام، ويقضي على الحركة والتفاعل في الكون.
والحق سبحانه هنا يُوضّح: لا تقوِّلوا الطائر ولا تتهموه، بل طائرك أي: عملك في عنقك يلازمك ولا ينفكّ عنك أبداً، ولا يُسأل عنه غيره، كما أنه لا يُسأل عن عمل الآخرين، كما قال تعالى: ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى..﴾ [الإسراء: ١٥]
فلا تُلقي بتبعة أفعالك على الحيوان الذي لا ذنب له.
وقوله تعالى: ﴿وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القيامة كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً﴾ [الإسراء: ١٣]
وهو كتاب أعماله الذي سجَّلتْه عليه الحفظة الكاتبون، والذي قال الله عنه: ﴿وَيَقُولُونَ ياويلتنا مَالِ هذا الكتاب لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾ [الكهف: ٤٩]
هذا الكتاب سيلقاه يوم القيامة منشوراً. أي: مفتوحاً مُعدَّاً للقراءة.


الصفحة التالية
Icon