ثم يقول تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا الحديد فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ [الحديد: ٢٥] وهذه أدوات القوة والردع.
فالخيِّر من الناس يرتدع بقول الله وبقول الرسول ويستجيب، أما الشرير فلا تُجدي معه الحجة، بل لا بُدّ من رَدْعه بالقوة، فالأول إنْ تعرّض للحلف بالله حلف صادقاً، أما الآخر فإنْ تعرّض للحلف حلف كاذباً، ووجدها فُرْصة للنجاة، ولسان حاله يقول: أتاك الفرج.
وفي الأثر: «إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن».
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿وَقُلْ جَآءَ الحق وَزَهَقَ الباطل... ﴾.
هكذا أطلقها الحق سبحانه شعاراً مُدوّياً ﴿جَاءَ الحَقُّ..﴾ وما دام قال للرسول: ﴿قُلْ﴾ فلا بُدَّ أن الحق قادم لا شَكَّ فيه؛ لذلك أمره بهذه الأمر الصريح ولم يُوسْوسُه له، وبعد ذلك يقولها رسول الله في عام الفتح، وعندما دخل مكة فاتحاً وحوْلَ البيت ثلاثمائة وستون صنماً فيُكبكِبُهم جميعاً، وينادي: «جاء الحق وزهق الباطل، جاء الحق وزهق الباطل، وما يبدئ الباطل وما يعيد».
أي: جاء الحق واندحر الباطل، ولم يَعُدْ لديْه القوة التي يُبدِئ بها ويُعيد، فقد خَمدتْ قواه ولم يَبْقَ له صَوْلَة ولا كلمة.
وقوله تعالى: ﴿جَآءَ الحق وَزَهَقَ الباطل..﴾ [الإسراء: ٨١]