نعود إلى الآية التي نحن بصددها فالحق سبحانه يقول: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الكهف والرقيم كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾ [الكهف: ٩]
﴿أَمْ﴾ حرف من حروف العطف، ويفيد الإضراب عَمَّا قبله وتوجيه الاهتمام إلى ما بعده، كما في قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعمى والبصير أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظلمات والنور..﴾ [الرعد: ١٦]
فالمراد: إنْ سألك كفار مكة عن مسألة أصحاب الكهف على أنها معضلة يريدون إحراجك بها، فدعْكَ من كلامهم، ودَعْك من سوء نيتهم، ولا تحسب أن أهل الكهف هي العجيبة الوحيدة لدينا، فالعجائب عندنا كثيرة، وهذه واحدة منها.
و ﴿الكهف﴾ : الفجوة في الجبل و ﴿والرقيم﴾ الشيء المرقوم أي: المكتوب عليه كحجر أو نحوه، ولعله حجر كان على باب الكهف رُقِم عليه أسماء هؤلاء الفتية، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿كِتَابٌ مَّرْقُومٌ﴾ [المطففين: ٩] أي: مكتوب.
وقوله: ﴿كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾ [الكهف: ٩] أي: ليست هذه هي العجيبة الوحيدة، فكل آياتنا عجيبة تستحق التأمل.
ثم تأخذ الآيات في تفصيل هذه العجيبة، فيقول تعالى: ﴿إِذْ أَوَى الفتية إِلَى الكهف فَقَالُواْ رَبَّنَآءَاتِِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً..﴾.
﴿أَوَى﴾ من المأوى، وهو المكان الذي يأوي إليه الإنسان ويلجأ إليه ﴿الفتية﴾ جمع فتى، وهو الشاب في مُقْتبل العمر، والشباب هم مَعْقِد الآمال في حَمْل الأعباء والنهوض بكل أمر صعب،


الصفحة التالية
Icon