﴿بَعَثْنَاهُمْ﴾ أي: أيقظناهم من نومهم الطويل، وما داموا قد ناموا فالأمر إذن ليس موتاً إلا أنهم لما طالتْ مدة نومهم شبَّهها بالموت: ﴿لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ..﴾ [الكهف: ١٢] أي: الفريقين منهم؛ لأنهم سأل بعضهم بعضاً عن مُدَّة لُبْثهم فقالوا: يوماً أو بعض يوم.
أو: المراد الفريقان من الناس الذين اختلفوا في تحديد مدة نومهم: ﴿أحصى لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً﴾ [الكهف: ١٢] أي: لنرى أيّ الفريقين سيُقدِّر مُدّتهم تقديراً صائباً. والأمد: هو المدة وعدد السنين.
والمتأمل في الآيات السابقة يجد فيها ملخصاً للقصة وموجزاً لها، وكأنها برقية سريعة بما حدث، فأهل الكهف فتية مؤمنون فروا بدينهم إلى كهف من الكهوف، وضرب الله على آذانهم فناموا مدة طويلة، ثم بعثهم الله ليعلم مَنْ يحصي مدة نومهم، وهذه البرقية بالطبع لم تُعطِنَا تفصيلاً لكل لقطات القصة؛ لذلك تبدأ الآيات في التفصيل فيقول تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بالحق..﴾.
﴿نَحْنُ﴾ أي: الحق سبحانه وتعالى، فهو الذي يقصُّ ما حدث بالحق، فلو أن القاصَّ غير الله لتُوقّع منه الخطأ أو النسيان، أو ترك شيء من الأحداث لِهَوىً في نفسه، إنما إنْ جاءك القصص من الله فهو الحق، كما قال في آية أخرى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القصص..﴾ [يوسف: ٣]
إذن: هناك قصَص ليس بالحسن، وهو القَصَص غير الدقيق.


الصفحة التالية
Icon