الصالح بثواب، هو خير من الدنيا وما فيها ﴿وَخَيْرٌ عُقْباً﴾ [الكهف: ٤٤] أي: خير العاقبة بالرزق الطيب في جنة الخلد.
هكذا ضرب الله تعالى لنا مثلاً، وأوضح لنا عاقبة الغنيّ الكافر، والفقير المؤمن، وبيَّن لنا أن الإنسان يجب ألاّ تخدعه النعمة ولا يغره النعيم؛ لأنه موهوب من الله، فاجعل الواهب المنعِمَ سبحانه دائماً على بالك، كي يحافظ لك على نعمتك وإلا لَكُنْتَ مثل هذا الجاحد الذي استعلى واغترّ بنعمة الله فكانت عاقبته كما رأيت.
وهذا مثل في الأمر الجزئي الذي يتعلق بالمكلّف الواحد، ولو نظرتَ إليه لوجدتَه يعمُّ الدنيا كلها؛ فهو مثال مُصغَّر لحال الحياة الدنيا؛ لذلك انتقل الحق سبحانه من المثل الجزئيّ إلى المثل العام، فقال تعالى: ﴿واضرب لَهُم مَّثَلَ الحياة الدنيا كَمَآءٍ... ﴾.
الحق تبارك وتعالى في هذه الآية يوضح المجهول لنا بما عُلِم لدينا. وأهل البلاغة يقولون: في هذه الآية تشبيه تمثيل؛ لأنه سبحانه شبّه حال الدنيا في قِصَرها وسرعة زوالها بالماء الذي نزل من السماء، فارتوتْ به الأرض، وأنبتتْ ألواناً من الزروع والثمار،