﴿خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً﴾ [الكهف: ٤٦]
والأمل: ما يتطلع إليه الإنسان مما لم تكُنْ به حالته، فإنْ كان عنده خير تطلَّع إلى أعلى منه، فالأمل الأعلى عند الله تبارك وتعالى، كُلُّ هذا يُبيّن لنا أن هذه الدنيا زائلة، وأننا ذاهبون إلى يوم بَاقٍ؛ لذلك أردف الحق سبحانه بعد الباقيات الصالحات ما يناسبها، فقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الجبال وَتَرَى الأرض بَارِزَةً... ﴾.
أي: اذكر جيداً يوم نُسيِّر الجبال وتنتهي هذه الدنيا، واعمل الباقيات الصالحات لأننا سنُسيّر الجبال التي تراها ثابتة راسخة تتوارث الأجيال حجمها وجِرْمها، وقوتها وصلابتها، وهي باقية على حالها.
ومعنى تسيير الجبال: إزالتها عن أماكنها، كما قال في آية أخرى: ﴿وَسُيِّرَتِ الجبال فَكَانَتْ سَرَاباً﴾ [النبأ: ٢٠]
وقال في آية أخرى ﴿وَإِذَا الجبال سُيِّرَتْ﴾ [التكوير: ٣]
وقال: ﴿وَإِذَا الجبال نُسِفَتْ﴾ [المرسلات: ١٠] وقال: ﴿يَوْمَ تَكُونُ السمآء كالمهل وَتَكُونُ الجبال كالعهن﴾ [المعارج: ٨ - ٩]
ونلحظ أن الحق سبحانه ذكر أقوى مظهر ثابت في الحياة الدنيا، وإلا ففي الأرض أشياء أخرى قوية وثابتة كالعمائر ناطحات السحاب،


الصفحة التالية
Icon