ولو دققتَ في رأيه لوجدتَ له هوىً يسعى إليه ويميل إلى تحقيقه، وترى ذلك واضحاً إذا اخترتَ أحد الطرق تسلكه أنت وصاحبك مثلاً لأنه أسهلها وأقربها، فإذا به يقترح عليك طريقاً آخر، ويحاول إقناعك به بكل السُّبل، والحقيقة أن له غرضاً في نفسه وهوىً يريد الوصول إليه.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿وَمَا مَنَعَ الناس أَن يؤمنوا إِذْ جَآءَهُمُ الهدى وَيَسْتَغْفِرُواْ رَبَّهُمْ... ﴾.
ما الذي منعهم أن يؤمنوا بعد أن أنزل عليهم القرآن، وصرّفنا فيه من الآيات والأمثال، بعد أن جاءهم مطابقاً لكل الأحوال؟
وفي آية أخرى، أوضح الحق سبحانه سبب إعراضهم عن الإيمان، فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هذا القرآن مِن كُلِّ مَثَلٍ فأبى أَكْثَرُ الناس إِلاَّ كُفُوراً وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأنهار خِلالَهَا تَفْجِيراً أَوْ تُسْقِطَ السمآء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بالله والملائكة قَبِيلاً أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ ترقى فِي السمآء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ﴾ [الإسراء: ٨٩ - ٩٣]
فكُلُّ هذه التعنّتات وهذا العناد هو الذي حال بينهم وبين الإيمان بالله، والحق سبحانه وتعالى حينما يأتي بآية طلبها القوم، ثم


الصفحة التالية
Icon