والحوت: نوع من السمك معروف، وفي بعض البلاد يُطلِقون على كل سمك حُوتاً، وقد أعدُّوه للأكل إذا جاعوا أثناء السير، وكان الفتى يحمله وهو مشوي في مكتل.
وقوله تعالى: ﴿فاتخذ سَبِيلَهُ فِي البحر سَرَباً﴾ [الكهف: ٦١] أي: خرج الحوت المشوي من المكتل، وتسرَّب نحو البحر، والسَّرَب: مثل النفق أو السرداب، أو هو المنحدر، كما نقول: تسرب الماء من القِرْبة مثلاً؛ ذلك لأن مستوى الماء في القِرْبة أعلى فيتسرَّب منها، وهذه من عجائب الآيات أن يقفز الحوت المشويّ، وتعود له الحياة، ويتوجّه نحو البحر؛ لأنه يعلم أن الماء مسكنه ومكانه.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُءَاتِنَا غَدَآءَنَا... ﴾.
أي: جاوزا في سيرهما مجمع البحرين ومكان الموعد، قال موسى عليه السلام لفتاه: أحضر لنا الغداء فقد تعبنا من السفر، والنَّصَب: هو التعب.
فمعنى ذلك أنهما سارا حتى مجمع البحرين، ثم استراحا، فلما جاوزا هذا المكان بدا عليهما الإرهاق والتعب؛ لذلك طلب موسى الطعام. وهنا تذكَّر الفتى ما كان من نسيان الحوت.