مكانة النبوة؛ لأن الحق سبحانه وتعالى قال: ﴿وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ العلم إِلاَّ قَلِيلاً﴾ [الإسراء: ٨٥] وقال للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾ [طه: ١١٤]
لذلك يقول الشاعر:
كُلّما ازْدَدْتُ عُلوماً | زِدْتُ إيقَانَاً بجْهلي |
والإنسان حينما يكون واسعَ الأفق محباً للعلم، تراه كلما عَلِم قضية اشتاق لغيرها، فهو في نَهمٍ دائم للعلم لا يشبع منه، كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «منهومان لا يشبعان: طالب علم، وطالب مال».
والشاعر الذي تنَّبه لنفسه حينما دَعَتْه إلى الغرور والكبرياء والزَّهْو بما لديه من علم قليل، إلا أنه كان متيقظاً لخداعها، فقال:
قالتِ النفْسُ قَدْ علِمْتُ كَثِيراً | قُلْتُ هَذَا الكثيرُ نَزْعٌ يسيِرُ |
تمْلأُ الكُوزَ غَرْفَةٌ من مُحيِط | فَيَرى أنَّهُ المحيطُ الكَبيِرُ |
هنا يبدأ العبد الصالح يُملي شروط هذه الصُّحْبة ويُوضّح لموسى عليه السلام طبيعة عِلْمه ومذهبه، فمذهبُك غير مذْهبي، وعلمي من كيس غير كيسك، وسوف ترى مني تصرفات لن تصبر عليها؛