ألم يقل الحق سبحانه: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السمآء والأرض..﴾ [الدخان: ٢٩]
فإذا كانت السماء تبكي فقد تعدَّتْ مجرد الكلام، وأصبح لها أحاسيس ومشاعر، ولديها عواطف قد تسمو على عواطف البشر، فقوله: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السمآء والأرض..﴾ [الدخان: ٢٩] دليل على أنها تبكي على فَقْد الصالحين.
وقد سُئِل الإمام علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه عن هذه المسألة فقال: «نعم، إذا مات المؤمن بكى عليه موضعان: موضع في السماء وموضوع في الأرض، أما موضعه في الأرض فموضع مُصلاَّه، أما موضعه في السماء فهو مصعد عمله».
وهذا دليل انسجام العبد المؤمن مع الكَوْن من حوله، فالكون ساجد لله مُسبِّح لله طائع لله يحب الطائعين وينُبو بالعاصين ويكرههم ويلعنهم؛ لذلك العرب تقول: (نَبَا به المكان) أي: كرهه لأنه غير منسجم معه، فالمكان طائع وهو عاصٍ، والمكان مُسبِّح وهو غافل.
وعلى هذا الفهم فقوله تعالى: ﴿يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ..﴾ [الكهف: ٧٧] قول على حقيقته.
إذن: فهذه المخلوقات لها إحساس ولها بكاء، وتحزن لفقد الأحبة، وفي الحديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: «إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم عليَّ قبل أن أُبعث».