وتأتي وراء بمعنى: غير. كما في قوله تعالى في صفات المؤمنين: ﴿والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابتغى وَرَآءَ ذلك فأولئك هُمُ العادون﴾ [المؤمنون: ٥ - ٧]
وفي قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ..﴾ [النساء: ٢٣] إلى.. ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذلكم..﴾ [النساء: ٢٤]
وقد تستعمل وراء بمعنى خلف، كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ الذين أُوتُواْ الكتاب لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ..﴾ [آل عمران: ١٨٧]
إذن: كلمة ﴿وَرَاءَ﴾ جاءتْ في القرآن على أربعة معَانٍ: أمام، خلف، بعد، غير. وهذا مما يُميِّز العربية عن غيرها من اللغات، والملَكة العربية قادرة على أن تُميّز المعنى المناسب للسياق، فكلمة العَيْن مثلاً تأتي بمعنى العين الباصرة. أو: عين الماء، أو: بمعنى الذهب والفضة، وبمعنى الجاسوس. والسياق هو الذي يُحدد المعنى المراد.
ثم يقول الحق سبحانه في قرآنه عما أوضحه الخضر لموسى عليه السلام مما خفي عليه: ﴿وَأَمَّا الغلام فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ..﴾.
الغلام: الولد الذي لم يبلغ الحُلُم وسِنّ التكليف، وما دام لم يُكلَّف فما يزال في سِنِّ الطهارة والبراءة من المعاصي؛ لذلك لما اعترض موسى على قتله قال: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً..﴾ [الكهف: ٧٤] أي: طاهرة، ولا شكَّ أن أخْذ الغلام في هذه السِّنِّ خَيْر له ومصلحة قبل أنْ تلوّثه المعاصي، ويدخل دائرة الحساب.