وقوله تعالى: ﴿هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾ [مريم: ٩] وفي آية أخرى يقول في آية البعث: ﴿وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧] فلا تظن أن الأمر بالنسبة لله تعالى فيه شيء هَيِّن وشيء أَهْوَن، وشيء شاقّ، فالمراد بهذه الألفاظ تقريب المعنى إلى أذهاننا.
والحق سبحانه يخاطبنا على كلامنا نحن وعلى منطقنا، فالخَلْق من موجود أهون في نظرنا من الخلق من غير موجود، كما قال الحق سبحانه تعالى: ﴿أَفَعَيِينَا بالخلق الأول بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [ق: ١٥].
إذن: فمسألة الإيجاد بالنسبة له تعالى ليس فيها سَهْل وأسْهَل أو صَعْب وأصعب، لأن هذه تُقال لمَنْ يعمل الأعمال علاجاً، ويُزوالها مُزَاولة، وهذا في إعمالنا نحن البشر، أما الحق تبارك وتعالى فإنه لا يعالج الأفعال، بل يقول للشيء كُنْ فيكون: ﴿إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ [يس: ٨٢].
ثم يُدلّل الحق سبحانه وتعالى بالأَقْوى، فيقول: ﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً﴾ [مريم: ٩] فلأن يوجد يحيى من شيء أقلّ غرابة من أن أوجد من لاشيء. ثم يقول الحق سبحانه: ﴿قَالَ رَبِّ اجعل لي آيَةً﴾