أوحاه إليك مما تذكر قصة مريم، وقد سبق الحديث عن هذه القصة في سورة (آل عمران) لما تكلم الحق سبحانه وتعالى عن نَذْر أمها لما في بطنها لخدمة بيت المقدس، ولم يكن يصلح لخدمة بيت المقدس إلا الذكْران الذين يتحمَّلون مشقة هذا العمل، فلما وضعْتها أنثى لم يوافق ظنّها إرادة الله، ولم تستطع مريم خدمة البيت مكاناً أفرغتْ نفسها لخدمته قِيماً، وديناً حملتْ نفسها عليه حَمْلاً، حتى إنها هجرتْ أهلها وذهبت إلى هذا المكان الذي اتخذته خُلْوة لها لعبادة الله بعيداً عن أعيُنِ الناس.
ومريم هي ابنة عمران، وقد قال القرآن في خطابها: ﴿ياأخت هَارُونَ﴾ [مريم: ٢٨] ولذلك حدث لَبْسٌ عند كثير من الناس، فظنوها أخت نبي الله موسى بن عمران وأخت هارون أخي موسى عليهما السلام.
والحقيقة أن هذه المسألة جاءتْ مصادفة اتفقتْ فيها الأسماء؛ لذلك لما ذهب بعض الصحابة إلى اليمن قال لهم أهلها: إنكم تقولون: إن مريم هي أخت موسى وهارون، مع أن بين مريم وعمران أبي موسى أحد عشر جيلاً!!
فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «أما ذكرتُمْ لهم أن الناس كانوا يتفاءلون بذكِر الأسماء خاصة الأنبياء فيُسمّون على أسمائهم عمران ويسمون على أسمائهم هارون».
حتى ذكروا أنهم في جنازة بعض العلماء سار فيها أربعة آلاف


الصفحة التالية
Icon